Sunday, July 10, 2005



أول مرة مظاهرات وأحلام وأفلام
كتبت: مريم
مصر مش بس كده...أمال مصر تبقى إيه؟"...ياه يا غادة و قعتيني في حيرة مع نفسي، أمال صحيح مصر تبقى إيه؟ أد كده نجحوا في إنهم يمحوا مصر من جوايا لدرجة أني مش قادرة افتكر صورة واحدة لمصر،أنت اقترحت نتكلم عن مكان أو أشخاص... عمالة بأدور مش لاقية، مش شايفة...
لأ، ساعات الواحد يدور على الحاجة وهي قدام عينيه، من كتر ماهي معاه مش قادر يشوفها. أنا بتكلم عن إيه؟ عن مكان، ازاي نسيته مش عارفة، وهاروح منه فين و أنا اتربطت بيه خلاص... أنا بتكلم عن الجامعة، جامعة القاهرة.
المكان ده أنا تعلمت فيه كثير. أول قصيدة أقرأها لشكسبير كانت هناك, أول مرة أتفرج على أفلام داخل معمل كجزء من العملية التعليمية كانت هناك - و الفيلم كان
"" Beauty and the Beast
. أول مرة أقف في مظاهرة كانت هناك، وكمان أول مرة أترش بمية من عربيات المطافئ- كجزء من العملية التربوية الحكومية- كانت هناك برده.
مش هتكلم كتير عن اللي اتعلمته جوه قاعات المحاضرات لأنه موضوع كبير يطول شرحه و يهم أكتر اللي اتخرجوا من نفس القسم، هاتكلم أكتر عن اللي حصل براها لأنه بيجمعني مع قطاع أكبر من أبناء الجامعة. طبعا أنا مازرتش لسه أي جامعة من جامعات أمريكا ولا انجلترا، و أتحفني زيك بالضبط تقرير أحسن 500 جامعة في العالم اللي مفهوش أي جامعة مصرية...انما أنا متأكدة إن مفيش أي جامعة في العالم فيها محل بيع كشري من جوه زى جامعتنا، الكشري ده أصله أكلة شعبية مصرية جدا- أبا عن جد يعني.
كنت تشوفنا متجمعين على رصيف كشك الكشري في الجامعة بعد المحاضرات أو بعد الامتحانات بناكل و ونحلم هانبقى ايه وفين بعد عشر سنوات من دلوقتي. هتلقينا بنتكلم عن الدكتور فلان و الامتحان العلان, ونواسي صحبتنا اللي نسيت السؤال كذا في الامتحان, ونتفق على مجلة القسم اللي هنطلعها بعد شهر ...وكمان نحتفل بنهاية الامتحانات.
مكتبة الجامعة ببهوها الواسع و أسقفها العالية وحجراتها الواسعة،لأ وبدرومها الفسيح اللي تنزله لما تحب تصور ورق أو أجزاء من كتب المكتبة ... الاتساع و البرودة و الظلام النسبي في ثانية يرجعوك لأيام زمان أيام ما كان المكان سرايا للبشوات، وتتساءل هل كان المكان مخزن للطعام؟ أم مطبخ؟ أم حجرات للخدامين؟ اللي تحس انهم شوية و هيطلعوا عليك يزعقوا لأنك واقف في مكانك لا تساعد ولا بتوسع للرايحيين جايين عشان خاطر الوليمة اللي بتتجهز للأكابر فوق. يروح منك عقلك في زمن تاني يفكرك بكم عصر و حياة عدت وسكنت المكان اللي أنت واقف فيه قبل ما يبقي جزء من الجامعة.
حرم الجامعة, المكان المخصص للمظاهرات و إعلان التضامن مع فلسطين ضد العدو الصهيوني و التضامن مع العراق ضد الأمريكي الغازي، ومحمد الدرة والتطبيع و الحكومة و د.أشرف البيومي وهو يقول إن السبب الأول للتظاهر هو أننا نتغلب على خوفنا و د.أحمد ثابت ود.سيد البحراوي و...و...
و يوم 1 ابريل سنة 2002 يوم ما أتحبسنا في مبنى قسم إنجليزي لمدة 3 ساعات تحت قصف القنابل المسيلة للدموع لتفريق المظاهرات, وأول مرة أعرف فيها رائحة هذه القنابل و الدخان اللي بيطلع منها و يعميني وأحس بالاختناق و أنادي على صاحبتي تاخد بيدي وتطلعني من سحابة الدخان الفسفورية. وأشوف زمايلي في القسم وردود أفعالهم تجاه اللي بيحصل: اللي بيضحك و واخدها تهريج و اللي متماسك مستني يشوف الحكاية هتخلص على ايه و اللي بيرتعش من الخوف مع أول مواجهة له مع عنف الدولة ومع مشاعر خوف ورعب ماعشهاش قبل كده سكنت جوا قلبه، يمكن للأبد.
وأخيرا قاعات كلية علوم اللي دخلتها مؤخرا كمحاضرة – بكسر الضاد - من غير دورة إعداد ولا حاجة، و طلبة قسم فلك و علوم فضاء في آخر محاضرة في معملهم و أثناء فترة الراحة من محاضرتي و هم بياخدوني عشان يشرحوا لي أنواع التليسكوبات الموجودة في المعمل، بيشرحوا بحب و سعادة فرحانين باهتمامي و بيجاوبوا أسئلتي وهم عارفين إن أحمد زويل بقى أحمد زويل عشان ساب مصر، وهم عارفين إن الأجهزة دي متأخرة جدا وان فيه أحدث منها بعشر أجيال على الأقل بس الجامعة مش قادرة تشتريها، وهم عارفين إن لو الكلية ماعينتهمش كمعيدين مستقبلهم غامض في دولة نسيت العلم و تجاهلته, ومع ذلك بيشرحولي حاجات أول مرة أسمعها بحب و ابتسامة وأمل في بكرة أحسن.
إذا كنت بتدوري على المكان وعلى مصر كحالة إنسانية يا غادة فدا جزء من جزء عزيز علي فيها هو جامعة القاهرة.

1 Comments:

At 3:22 PM, Blogger freedom said...

تعرفوا ايه أحلى لحظة ممكن الواحد يحسها فى كل ايام الجامعة
رعشة تمسك فى الجسم كله
وأنت عينيك مليان دموع
وراسك مرفوعة لفوق
وانت شايف قدامك
طالب زميلك
مش مهم انتماءه السياسي
اخوان أو شيوعى
رافع بايده اليمين علم نصه ازرق فى أبيض ونصه التاني أحمر فى أبيض بنجوم كتير زرقة وبايده التانية بيولع فيه
وزمايله بهتفوا بأعلى صوت
تحيا مصر أو الله أكبر
لو ما شفتش اللحظة دى بعينك
وشاركت فيها
يبقى ما دخلتش جامعة ف مصر

 

Post a Comment

<< Home