Sunday, July 24, 2005

وجه وأُنس واشتياق

كتبت: دعاء

السلام عليكم-

اتفضلي يا ست-

الدكتور جه؟-

في الطريق إن شاء الله يا ست

كنت أسمعها بكسوف أشعر به يشفطني للداخل، فهو كبير وأنا صغيرة. حتى لما لاحظت أن تلك هي طريقته في مـخاطبة الناس؛ بالألقاب (ياست، ويافندم)، لم أستطع أن أقبلها أو أسعد بها ولم تكن هناك فرصة لتغييرها....

عم محمد...وجه من الوجوه التي احتفظت بها ذاكرتي وستظل فيها لتنعم عليّ بإطلالة بين الحين والآخر. فأهنأ بها أو أحنّ أو أسكن إليها في لحظات البحث وما أكثرها.وجهُ أتذكره بلا سبب،.. أتذكره وفقط.

لما يطل عليّ فجأة، أجدني أعيشه حتى النخاع. ويفرض وجوده عليّ مثلما كان في عيادة الدكتور، مع أنه لم يكن يبتسم إلا نادراً ولا يتحدث إلا قليلاً وكأنه يعلم بأن وجوده كفيل بكل وسائل الاتصال الصريحة والشفيفة بين الناس.عم محمد...واحد من الناس أيام الناس. يتحرك بخفة كالزمن الذي أتى منه. عمره من عمر الأرض وصوته دافئ وجهوري كالطمي الأحمر ساعة الفيضان. كحته كانت تهزني وإذا أصابته واحدة عنيفة وجافة كنت أقبض عضلات رقبتي وأنحنح بقوة وكأنني بذلك سأساعده أن يأخذ نفسا عميقاً هادئاً.

عندما كان يجلس ساكناً كعادته في الصدارة، كانت تتجاوب وتتجاذب بينه وبين المكان، الذي يشبهه أو ربما هو يشبه المكان، موجات تعوم في ذراتها سنين وحكايات وتاريخ. ويستمر التجاوب والتجاذب حتى يتحد كل منهما مع الآخر فتستحيل الصالة به وبما فيها من صور ولوحات إلى جدارية حية تنبض بالآمس والآن وربما غداً.


0 Comments:

Post a Comment

<< Home