Monday, September 19, 2005


لا أزال صغيرة


وصفته دعاء
إشارات...
كلكسات...
حكايات...
شخطات...
دوامات...

ازدحم كل ذلك في الطريق.
لاحتْ لي من بعيد...
اقتربتْ
.........
"على جنب يا أسطى"
شقتْ طريقها مندفعة بقوة حتى أسكنت الضوضاء وعلت سقف الزحام.
هكذا خرجت.

نزلتُ بعد أن قررتُ فجأة أن أدخلها... تلك التي لاحت لي من بعيد، وتلوح دائماً فيّ لي من على قرب ملتصق. تلك التي هي كلية الآداب بجامعة القاهرة.

انطلقتُ وخلفي قدمي وشنطتي وطرف طرحتي الطائر يحاولون اللحاق بي دون جدوى.
دخلتُ.. فرملني خوف وشوق وقلق.. ولم أستطع أن أسألني ما الذي تفعلينه؟
وعلى أي أساس دخلتِ؟
لقد تخرجتِ وقد انقضى على تخرجكِ عامان....؟؟!!

تن، تن، تن، تن، تن، تن
دقت ساعة الجامعة دقاتها المميزة التي تجعل للساعات معنى وصوت ولون ورائحة. عادني انطلاقي وهللتُ لما وجدتُ ساعتي مضبوطة على ساعة الجامعة.

لحقتْ بي قدمي وهي تلهث وتنتفخ، فترفقتُ بها وأبطأت حتى تلازمني. انخرطتُ في الجموع الملونة وإن كنت لم أكن أرى إلا أنا والكلية.

وقفتُ أمام مبنى قسم اللغة الإنجليزية يبن الشجرتين المتصدرتين لمدخله. بسطتُ عليه بصري وروحي ببطء منتشي من عتبته حتى أعلاه المتماس مع نظير له في السماء.

مررتُ على شبابيكه الشيش الخضراء، ففتحتُ المغلق منه وأطللتُ من المفتوح. شعرتُ أن قامتي قصيرة لما لم يفدني طولها فشببتُ لأرى العقد الزخرفية في زواياه.

انفتحتُ بداخلي المحاضرات والسكاشن على بعضها: مدرج 74، 13، 78، ورووم 14، 15، 16 والـ Lab.. د.عبد العزيز حمودة وهو يشرح "الملك لير" وينفعل حتى يصل للآداء المسرحي، إيوجينيا وهي تنزل من الكارتة في سمو متصنع لمقابلة أقاربها الأمريكان، د. أحمد الشامي وهو يستحثنا للبعد عن النمطية في التفكير، د. شيرين أبو النجا لما يعلو صوتها وهي تقرأ قصيدة رومانسية فأرى فيها الجدول والشجر، "ماجي" لما كانت تصعد إلى العلية غاضبة لتبكي وتكلم عروستها وتضرب الأرض بقدميها اعتراضاً على القيود المفروضة، "كييتس" وهو يغني لـ"برومثيوس"، "وليام وردزورث" وهو يتجول وحده كسحابة...
سحبوني لداخل القسم لأتجول وحدي كسحابة.

- هنا... عاتبني د. علي عبد العزيز لأني أنقصت نفسي درجتين لأني بخلت على المقالة بقليل من الكثير الموجود في جعبتي كما قال..
- هنا ... بكيت لما أغرقت ماجي نفسها.
- هنا... ضحكنا مع د. آمال مظهر على ديدي -لست أنا- وجوجو في انتظار جودو.

قاطعني اللون العاجي الزاهي على الجدران.. لم أعتده زاهياً طرياً، بل معتقاً راسخاً.
أردكت أنهم يعيدون طلاء القسم من الداخل. تلبسني خوف وغضب لو كانوا قد غيروا اللون وبطنوا القسم بحلة معدنية زجاجية لا معنى لها بدلاً من الخشبية الحجرية الأصيلة المفعمة بكل من\ما مر\وا بها. حمدت ربنا لما رأيت أنهم تحركوا فقط في مساحة درجات اللون حركة ضيقة في لون الجدران وحركة أوسع قليلا في لون الأبواب فظل الطابع كما هو.

دخلت مدرج 13 على أمل أن يكونوا قد أصلحوا الساعة الرابضة فوق السبورة.. لم يحدث.
مازالت تشير إلى الحادية عشرة كما كانت طوال سنوات دراستي.
وفجأة، اتسعت الرؤية لأجد د. عبد العزيز حمودة أمامي. سلمت عليه وقلت له إني تلميذة عنده. ضحك وسألني وماذا تفعل التلميذة الآن؟

وقفت في منتصف البهو الرئيسي وقد زال عني الخوف والقلق ولا يزال الشوق يطربني ويعيدني ويهزني.
هل اتسع المكان وكبر أم ماذا؟
أليس من المفترض أن يبدو أصغر بعد أن تخرجت وخرجت؟
خبطت على جبهتي..
يالغبائي...
فقد اكتشفتُ أني لم أتخرج، وأنه لم يمضِ عامان، وأني..
لا أزال صغيرة.

3 Comments:

At 11:03 AM, Anonymous Anonymous said...

جميل أوي يا دعاء:) حببتيني في القسم زيادة
وفكرتيني بماجي..أجمل شخصية درستها في حياتي

 
At 12:27 AM, Blogger Doaa Samir said...

آه يا مريم... أيام مازالت تعيش جوايا وستظل تحييني كلما ظننت أني مت أو أموت... أجمل ما فيها إننا عرفنا ناس كثيرة جداً أكثر من الذين قابلنهم في الحقيقة.. فاهماني طبعاً؛ ماجي ومسز رامزي، شارلوت، وليلي، جاتسبي وناس كثيرة غيرهم مش قادرة أعدهم.

 
At 3:58 AM, Anonymous Anonymous said...

يا جماعه انا اداب انجليزي 2005 ولي كتابات مميزة وشعر معروف لدفعات سابقة ولاحقة قولوا لو هل ممكن انضم اليكم ، ابعتوا على اصدقائكم دفعة 2005
english-dep@yahoogroups.com

 

Post a Comment

<< Home